الجمعة، 31 أكتوبر 2014

الكاميرا !



Written With Hans Zimmer -Tennessee.

المشهد الأول:

رجل يرتدى بيجامة منزلية، ساكن أمام مرآه مُعلقة على الحائط تُظهر نصفه الأعلى، و بعض من أجزاء الغرفة كالنافذة و الدولاب و السجادة النائمة على الأرض.. بعد ثوانى، يتجه يساراً ناحية الدولاب.

المشهد الثانى:

يضع سيارته فى حيز بجانب الرصيف، ليسير صاحبنا فى الشارع وسط الكثير من الناس غير مُكترث بالطريق، لا يعرف إتجاهه، يسير للأمام فقط مُرتدياً بنطلون جينز و قميص يعطيان مظهراً لا بأس به، و فى يده كاميرا ديجيتال يربت عليها جيداً. و يخطو..

المشهد الثالث:

يرفع الكاميرا على عينيه كى يسجل لحظات لأُناس يضعون بصماتهم فى كتابهم الأُخروى.. و مهمتة، تسجيل هذه اللحظة، و الأهم هذا الفرد.

-النموذج الأول: رجل يرتدى بذّة قيّمة، يخرج من سيارة موديل السنة تُعطى إيحاء أن للثراء فُحش حقيقةً.

-النموذج الثانى: شاب فى العشرينات ،واحداً من الأولتراس، يرتدى فانلة طُبعت عليها رقم ( 72 )، حاملاً حقيبة سوداء على ظهره، و يغرس الهيدفون فى أذنيه غير مُكترث.. إلا بقضيتة.

-النموذج الثالث: بنت فى أوائل العشرينات، مُنقبة  تقف عند بائع جائل يبيع الدبابيس المحفورة بكلمات تُعبّر عن شخصية حاملها، و قد أخذت دبوس يحمل " المجد للشهداء ".

-النموذج الرابع: إمرأة فى الأربعينات، تبدو كموظفات الحكومة، النهد المُتدلل، الخمار الزيتى، و قلباً يحمل جسداً على عاتقه.. تقف تتجادل جدال كهنة فرعون مع البائعين الجائلين على ثمن البضائع الصغيرة، و من ثمّ تبتعد مُنتظرة حافلة الشركة التى تمتلأ بالموظفين كما يملأ الصفار البيض !.

-النموذج الخامس: شاب فى الثلاثينات، زرع فى وجهة لحية ثقيلة نوعاً ما، يتمم على إغلاق أول زرار فى القميص بيد، و اليد الأخرى تحمل كُتب الجامعة.. يبتسم إبتسامة يدفنها فى الأرض مع وجهه حارصاً على تواجد يديه بجانبه.

-النموذج السادس: بائع جائل يبيع الذرة المشوية، ملابسه لا تدل الا على أن ماكينة الخياطة قد أحيت شيئاً فيها، تداعبة نسمات الهواء، لتخفف عليه قليلاً و هو ينادى على الماريين ب"كوز درة يطرّى عليهم" فيُقبّل المال الذى يأويه ويدسه فى جيبه حامداً شاكراً.

-النموذج السابع: طفل فى الثامنة من عمره تقريباً، يرتدى زياً أُحكم تناسقة الجمالى، وشعره الذى ينافس شعر فتيات المُراهقة فى النعومة "الطبيعية".. تُحكم سيدة بجواره غلق يديها جيداً عليه، وهو يتمسك بمحاولة الفرار، ليس من الحياة، ولكن من هذه اليد التى تضغط بالوتد على أول مسمار صنعته فى نعش "شخصيتة".

-النموذج الثامن: فتاة فى منتصف العشرينات، يخطف جمالها نظرات الرجال تلهفاً تَلهُّف أسماء على بضعه مياه تقطع بها نهر قد جف فى جوفها، و تخطف نظرات النساء غيرةً.. و الكعب العالى الذى يدق على أبواب مُغلقة فى أنفس الرجال حولها، آخذة فى السير تحمل حياتها خلف نظارتها الشمسية العريضة، و خطواتها تحمل خريطة مقصدها.

-النموذج التاسع: شاب فى بداية المراهقة، الموضة غسلته من "ساسة لرأسة".. حليق الجنبين ومن الخلف، تاركاً بعض من شعره فى المنتصف يعطى إنطباعا "ديكياً" نوعاً ما على مظهره.. بنطلون يغرق ولا أحد يُلبيه إستغاثةً، و يُشكّل تعرجات فخدية، و قميص أحكم إغلاق أزراره كلها من اليد و الصدر والرقبة، لا خوفاً من إنفلونزا، بل لتنفيذ أحكام قد وردت على لسان.. الموضة.

-النموذج العاشر: طفل، نعم طفل وإن بدا أكبر من مجرد طفل.. الطفولة هى الشىء الوحيد الذى يجب إتمامه، كى تستطيع أن تخطو باقى طريقك !.. ملابسة كحياتة، مُلطخة بالقاذورات و التراب الذى شيئاًُ فشيئاً يخلق من طريقة صحراء جرداء لا مُنجى فيها الا عزرائيل !.. يضع نفسه عُكازاً تتكأ عليه سيدة فى أواخر عُمرها لتعدية طريق أخذتة السيارات مجالاً للتسابق.. و الجائزة، جثة إنسان آخر !.

المشهد الرابع:

الكاميرا تُحذّر الرجل من نهاية مشوار بطارية قادتة لتسجيل صور و مشاهد عشوائية فى شوارع لم يعد فيها مكان لذرة تراب أخرى، و لا نفساً سوى غباء السيارات الذى يضيق بصدر المارة، و سيارات النقل العامة التى تشحن جثثاً إنقشعت حياتهم فى جسدهم بحثاً عن آخر الدرب.. فيغلق الكاميرا.

المشهد الخامس:

فى سيارته، يُخرج بعض من ورق المُلاحظات و قلم جاف، فى نفس الوقت الذى يتحرك بسيارته، يتذكر ما إلتقتهم صوراً أثناء سيره،  ويكتب على التابلوه و أحيانا على ساقيه و يرمى بالورق بجانبه فى ضحك، و كثيراً ما كان سيدهس ماراً فى طريقة، لكنه لا يبالى بغير إكتمال كتابتة للعشر ورقات !.

المشهد السادس:

ينتهى من كتابة العشر ورقات.. إنتباهه للطريق جاء مُتأخراً هذه المرة، ليجد نفسه غائباً عن الوعى بعدما دكّت سيارتة بعمود كهربائى فى جانب من الشارع، و الورق يتناثر بداخل السيارة، و كلمات تبدو أوضح عليه.. " حرامى.. بلطجى.. رجعيّة.. مُقززة.. ُمتعصب و متخلف.. سافل، كمثل باقى جيله القادم.. مومس.. لا يستحق الحياة.. مثل هؤلاء، أنصحه بعدم ترك البامبرز.. بائع مخدرات " .

المشهد السابع:

يفيق من غفوتة سريعاً، على السرير محاولاً اللحاق بضربات قلبه، و عن ما الذى حدث !.. يرفع الغطاء متوجهاً للمرآه لرؤيته أوراق تتطاير من بصيص هواء النافذة، و مكتوب علي كل ورقة الكلمات التى شاهدها فى حلمه !.. يجلب الكاميرا لتفرش هى الأجوبة على مائدة أسئلته.

المشهد الثامن:

شارع يحيط به العديد من الناس، تقترب الكاميرا من أحد الأفراد و هو يغلق سيارتة الثمينة و يُعدّل من ملابسه ليلتقى برجل يبيع الذرة يضع فى يده ظرف أبيض عريض يشعل سعادةً فى نفس الرجل صاحب الذرة.. تتحرك الكاميرا بعيداً، ثم تقف بحثاً عن صداقة تبتسم لها رغماً، رجل أخذت لحيته نصف وجهه، و شاب يرتدى تيشيرت الأهلى المطبوع برقم "72" يسيران بجانب بعضهما ضاحكين وقد أخرج الشاب من حقيبتة نفس الكتب التى يحملها الرجل ليحمسا بعضهما للمذاكرة للامتحان الذى سيواجههم بداخل الكلية.. تمر الكاميرا بمرحلة أخرى، بنت تحمل جسد keira knightley  تتحدث فى سعادة مع طفل ملأه التراب، تأخذه من يديه لمقصد أظنه حافلاً له من هذه السعادة و الفرحة التى نفضت عذاب أيام أو شهور من حاله.. تتوجه الكاميرا لناحية أخرى، سيدة تحاول قدميها حملها، و تُخرج الموبيل الخاص بها، ليبعث المُتصل فى روحها وقلقها الواضح قبل المكالمة، سعادةً تشق صخر عيناها لينفجر عن سيل من ماء عذب يُحيى آمالاً قد بُعثت من جديد !.. تغلق الموبيل لتقول لصاحباتها حولها فى سعادة غامرة : " على ابنى الكبير اتقبل فى الشركة الأجنبية دى  و هيبدأ الشغل بكرة و هرتاح فى آخر أيامى بقى !! والله لانتوا معزومين عندى الجمعه الجاية ان شاء الله و اللى مش هييجى هبعتله نصيبة برضو !!.. يا رب  لك الحمد و الشكر يا رب " ..وسط فرحة هذه السيدة، تُلقى الكاميرا بنفسها على منقبة تُغرس فى جانبها دبوس مكتوب عليه "المجد للشهداء" و تتحاور و تتناقش فى احترام متبادل و ثقافة سياسية أظنها محور حديثهم، مع شاب غطت جسده الموضة، بدلاً من تغطية تفكيره، جمعهم حوار سابق يجمع صديقتها و شاب تتحدث معه، و دخل حديثهما ضيفاً عليهما.. ينتقل الخط العريض الى آخر مساره  فى شريط الفيديو، سيدة تضع يديها على يد طفلها فى عصبية تمنعه من الحركة، ُدمية تتكلم بيد يديها، و هو.. مازال مُتمسكاً بالمحاولة فى رفض هذه اليد.

المجد للشهداء
العبد الفقير إلى الله



الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

النهاية !




أنا سجين نفسي .. !

حياتي مُبعثرة في جوانب بيتي.. غرفتي تدفن ماضيّ.. الكراريس المحشوّة بقلمى الجاف، المكتبة المحشوة بكتبى كالاسنان فى الفم، و مضرب التنس المكسور.. أقوم بتلبية طلبات كل الأشياء التي تضرب الجرس على باب عقلى.. أتبول أحيانا في الشرفة على الماريين وعندما يشاهدني أحدهم يقوم بسب أمي أو أبى !.. ما علاقتهما بالذي فعلته بك؟! و لا أنكر أن هذه الشتائم تُسعدني حقاً.. أنصب حفل لنفسي و أضع مكبرات الصوت الخاصة بأجهزة الكمبيوتر في الشرفة، عند الباب، وفى منتصف الصالة، هو الصخب الذي إذا صرخت، فستكون القاضي على حنجرتك !. موسيقى تتلاعب بأعضائك، قوة تُحرك أطرافك عنوة، لماذا لا تصبح بديلاً عن  الفياجرا في العلاقات الجنسية؟.. أعتقد أنها شديدة لتلبية الغرض !... حاول أحد الجيران باستدعاء الشرطة ذات يوم، بعدما هددني من خلف باب الشقة، فقذفته بداخل المنزل نصف ساعة كانت كافية بأن يجلب موس الحلاقة و يقطع بها لسانه، ثم يمضغه، فيموت خنقا !.. لماذا لا توجد شرطة للمجانين في هذه البلد المكتظة بالعته و الجنون؟!.. الجنون ليس الذي يُبطل مفعول العقل، الجنون هو أنك لا تدرى نتيجة أفعالك !. و هذا الكرسي الخشبي الذي يجلس في منتصف الصالة وحيداً بجانب منطدة صغيرة، والمرآة التي تعكس صورة الكرسي أيضاً.. و كثيراً ما أجد أبى هناك !..

لم يعاملني أبى كولده أبداً، يأخذ من نفسى أرضاً واسعةً يزرع فيها الكُره، يتركني في البيت وحيداً كباقي أثاث المنزل !.. من وأنا في سن التاسعة من عمري، و هو لا يأتي مفرداً، بل بمومس يقضى الليل معها و يطردني من البيت، أو أيام  بصحبه أصدقائه يلعبون القمار و يتجرعون الخمر و السجائر الملفوفة .. و يجعلني خادما عليه هو و أصدقاءه.. هربت من البيت أكثر من عدد ضربه لى، و آخر مرة حاولت الهرب فيها، وجدتني الشرطة في إحدى الإحياء بعدما فشل أبى في العثور علىّ.. لا أعلم إذا كان في أشد غضبه من أي وقت مضى ﻷنني هربت مجددا، أم ﻷته فشل في العثور علىّ هذه المرة؟.. أخذ مضرب التنس الذي اشتريته من وراء ظهره، و راح يضربني به على رأسي و جسدي، توسلت إليه الا يضربني بهذا المضرب حتى لو ضربني بالساطور، فكان توسلي سبباً أكبر ليحطم هذا المضرب على جسدي!.. ظللت في غرفتي خمسة أشهر  أتلقى العلاج المتردد من دكتور صديق أبى في كل مرة يأتي فيها إلى المنزل.. حيث الكدمات على جسدي تأخذ طرقاً مُتشعبة !.. و أبى من الحين للآخر يرمى لي الطعام و يغادر. اسمى كان سُبه بالنسبة له، لا ينادينى الا بالغبى، و بعض الشتائم المقذعة.. أخذت من فراغى المرضى كتاباً أحاول تسطير حياتى فيه من خلال قلم جاف و كراسة صغيرة تحمل بين ثناياها كلماتى.. وأكتب.

كنت أنتظر النهاية، النهاية لأي شيء، حتى لو كانت نهايتي، سأسعد بها، سأستقبلها كأمى إذا بعثت الحياة فيها من جديد !.. أو تكون نهاية هذا الشخص –أبى- و شيء بداخلي يُحرك هذه الأمنية، كأنه يربض على كتفي و يقول لي : " لا تقلق.. سينتهي كل شيء قريباً ". بعدها ظللت سبعة عشر سنة أنتظر هذه النهاية.. المجهول.. الشبح الذي أخطو خلف خطواته.. و أنا أنتظر محطتي التي سأبدأ فيها البداية لكل شيء.. محطة النهاية !.

إستيقظت لأجدنى مُلقى على أرض غطتها الرمال الناعمة، ثم أعتدل كى يجاوب ضوء القمر على تساؤلى و أجده  مقبرة !.. ما الذي جاء بى إلى هنا!؟.. لا أحد سواى !.. ركضت بأقصى سرعة في كل الاتجاهات و أنا أصرخ للمساعدة، و لكنى لا أرى حدود هذه المقبرة من الأشجار الكثيفة و الظلام الذي يكسوها.. وجدت بيتاً أخيراً، أو هكذا خُيّل إلى في بادئ الأمر، اتجهت إليه سريعاً، وجدت الباب مفتوحاً، لكن لا وجود لأحد.. أصرخ ولا أحد يجاوبني، أين أنا بحق الله !؟.. أحاول العثور على أي مصدر للكهرباء، و أخيراً أجد مصباح بجانبه علبة كبريت صغيرة، يدي المرتعشة لم تفلح في إضاءة المصباح في بادئ الأمر، حتى أشعلته.. أتجول داخل هذا المنزل بمصباح إضائتة تكفى لرؤية قدمىّ فقط... ثم أدخل غرفة ما، فأجد سريري و مضربي !.. أنا في بيتي !!.. ما الذي حدث !!.. أين أنا !!.. تأكدت أنه منزلي بعدما أضائت كل الأنوار فجأة و صوت من الجلل قطعني، صوت أعلمه جيداً، أنه صوت أبى ! أهو هنا منذ البداية؟! لماذا لم يجاوب ندائي !.. قطع اسألتى صوت أبى و هو يقول في توسل و خوف " عن ماذا تتكلم ؟؟ لا أفهم شيء.. سأفعل كل ما تطلبه منى.. أرجوك لا تقتلني ! ".. خرجت مسرعا من الغرفة، لكن الباب كأنه تصلب في مكانه ! تمسكت بالمحاولة و أنا أصرخ لأبى و هو لا يجاوبني !.. ُفتح الباب فجأة و بقوة اندفعت للوراء !.. حملت نفسي سريعا و توجهت لأبى كي أجد عنقه قد قُطعت بسكين وهى بجانبه ! و باب البيت يُغلق من جانب أحد ما بقوة!.. الدم يسيل و يتفرع في أرجاء الغرفة و يتحول لثعابين تحاول الانقضاض علىّ و هي تقول بصوت مبحوح " سينتهي كل شيء قريباً ! ".

صرخت حتى وجدت نفسي ملقياً على سريري و قلبي مسجون داخل جسدي يحاول الهرب و لا أستطع تمالك نفسي حتى بدأت أهدأ كلما تيقنت أنه حلم، بل كابوس !.. لم يكن مجرد حلم، بل شعرت بكل شيء حدث وتم فيه ! .. توجهت للخارج مسرعاً حتى أجد أبى مثلما وجدته في الحلم !.. ملقى على الأرض، عيناه جاحظتان في ذهول كأنه تحدث مع عزرائيل قبل مماته، عنقه قُطعت كشق بطيخة، و الدم يملأ نصفه الأعلى !.. و محفور على الجدار الذي يصوب عينة جملة تقول " سينتهي كل شيء قريباً " ! .  

إذن ما الذي حدث!؟ ما هذه الجملة التي تطاردني حتى في أحلامي ! و لماذا بعد نهاية أبى تستمر في ملاحقتي !؟.. كالمجنون أبكى ولا أعرف كيف أُلملم نفسي، أبحث في البيت عن هذا القاتل و كأنه تبخر!.. هل كان حلم حقيقي؟؟ ما علاقة الأحلام بالحقيقة!.. زرعت نفسي في جانب من البيت أبكى وأدفن رأسي بين قدميّ.. الحزن أم الاطمئنان؟.. حيوانان مُفترسان يصارعان بعضهما كي يخرج فائزاً على جثة الآخر !.. لا أعلم !.. المنتصف دائماً مخيف.. أن تكون في حالة و أخرى.. النصف بين الفرح و الحزن، الرضا و السخط، الحقيقة و الزيف. المنتصف هو حالة اللاحالة، التيه الكامل، العودة لم تعد خيار، إذا أشعلت الغابة، فليس من الشهامة إذن التضجر من صوت وقوع الأشجار !.. بعد فترة، قمت بحمله و وضعه في ملاية سرير و ربطه جيداً كي أنطلق بالسيارة و ألقيه في النهر فجراً.
لم تدم وحدتي طويلاً.. أثناء استحمامي و أنا أقف أمام المرآة رأيت أبى بعنقه المبتورة يمسك برقبتي و يحاول غرز السكين فيها، تلفت سريعا فلم أجد أحد !!.. كانت فقط البداية، و دائما البداية لا تأتى إلا وهى تحمل في جوفها .. النهاية !.

تعودت على أبى في البيت كما يعتاد شيخ المقابر على محادثة الموتى.. و نفسي بناية مهجورة تصلح لحكايات العفاريت.. كلما دخلت غرفة كنت أجده واقفا ينظر إلىّ فقط و أحياناً إلى الجدران ! و عندما أحادثة لا يتكلم، الموتى قادرون على الحركة لا الكلام أعتقد !.. حتى حدثني هو و أنا ارتمى على السرير .. فقال بصوت مبحوح و هو يقترب منى و فمه لا يتحرك : " سينتهي كل شيء قريباً"..  كأن الذاكرة سحبتني بداخلها كي أعيد مشاهد في طفولتي و غيرها.. الضرب .. مضرب التنس.. سريري.. غرفتي.. المقبرة.. البيت.. المصباح.. الظلام.. الثعابين.. الدماء.. و أبى !.. أفيق من غفوتي فلا أجد هذا الشيء أمامي !.
بحثت عنه، انتظرت مجيئه.. خرجت للصالة كي أجده يقف أمام الكرسي و ينظر إلى الجدران دون حراك ! ثم أصرخ فيه قائلاً..

-" ما الذي تريده منى !! ألن تتركني أبداً !! لطالما عشت معك و أنا مدفون في هذه المقبرة !! ".  

- بجديّة و بصوت فيه حشرجة و هو يستمر في النظر إلى الجدران كأنه يبحث عن شىء : " أنت طلبت النهاية، و أنا الآن أساعدك عليها ".

- النهاية التي طلبتها قد تحققت بموتك !.. لم أتردد فى مجاراته ولم أعط فرصة لقلبى بالخوف من كلامه الأول، و فى عقلى قد أخذ آخر درجة للغليان

- الليل سيطول هذه المرة، ليست ككل مرة !.. قالها و هو ينظر الىّ دون تعبيرات !

- لست أنت من تصنع النهايات على ما أعتقد !.. يستطرد كلامه كتسليم صوفى لحكمة تقليدية من فم نبى مغمور

-آثار أقدامنا مقابر مؤقتة لزمن عابر.. و ضجيجنا وشم فى الهواء.. الدرب ليس طولاً جداً

أغلقت عيناى رغماً لبركان يقذف كراتة النارية فى كل جسدى ! و يستطرد..

- الليل سيطول هذه المرة، ليس ككل مرة، الأرق سيملأ كل شىء، الأبواب موصدة، سنطفأ الأنوار، لكن لنسمح ببعض من أشعة القمر تُلهب حماس حياة مدفونة فى البيت..

اصرخ فيه و أشعر بحركة أحشاءى : " اصمت !! كفاك جنوناً و اتركنى الآن !! ".. يمزج صوتة بصريخى مستمر فى الحديث، وأنا أخذت جانباً أحاول السيطرة على المرض الذى يتغذى علىّ..

- سيمر كل شئ، وكأن أحداً لم ينتظره، ثم سنكتم أنفسنا، وبأعين مفتوحة من الذعر، سننتظر صباح لن يأتى.

توقف عند هذه الجمله ساكناً لا يتحرك له جفناً، و أخذت قراراً بأن لن ينتهى شىء الا بقتله مجدداً هذا الشىء، إذا ألمت أحد، فلا تتضجر من صوت صريخه !..

في غير اتزان تحاول قدميّ حمل جسدي، و أتوجه صوب هذا الشيء.. عيناه لا تفارقان عيني، كأنه يعلم ما الذي سيحدث.. أحمل السكين التي على المنطدة، و أقوم بالاقتراب منه أكثر، و هذا الشيء يقف في المنتصف دون حركة، ينظر لي فقط، و ابتسامة ليس لها معنى ترتسم على وجهه !.. و دون تردد  قمت بقطع عنقه.. و آخر شيء رأيته كان إنعكاس صورتي في المرآة و أنا أقطع عنقي، و كراسة صغيرة بجانبى آخر ما وردت فيها : " سننتظر صباح لن يأتى.. كل شى سينتهى قريباً ".

المجد للشهداء
العبد الفقير إلى الله

كلام مرايات

تعرف ان دى اول مرة ابقى متردد للدرجة دى ؟.. فى كل حاجة !.. مفيش تفصيلة بقول فيها حاجة الا و اراجع نفسى تانى و لما اتعب ، مفكرش !.. بنسى و بفتكر كلام ! كلام اتحفر خلاص فى ذاكرتى، و كلام كنت فاكره هيتحقق فى خطوات وطلع ولا حاجة.. و كلام ردم على كلام تانى بالتراب و كلام مدخلش فى الحساب اصلا ! ..عندك 100 حاجة بتفكر فيها ، او يمكن موهوم انك بتفكرى فيها ، او يمكن بتفكر بس مفيش علامات واضحة تبين انتى فى انهى طريق ماشية ! ماشيين ،، ماشيين ،، لكن عملنا ايه عشان نعلم الطريق اللى ماشيين فيه ؟؟ ولااااا حااااجة !!.. صور بس بتفكرنا بس بالطريق ده !.. صور تشوفها تنسى انت كنت بتفكر فى ايه و احيانا تعيط و احيانا تندم و احيانا تحزن و احيانا تكون ذكريات،، صح ؟؟؟؟؟.. و احيانا نتمنى انها ترجع و نصورها تانى و احيانا نتمنى اننا ننسى و لو مش عارفين نحاول و لو مش عارفين ندعى !.. حاجة اترسخت جوانا ؟؟.. المشكلة ان مفيش باب هروب من سجن الذكريات ! متحواط من كل مكان و الصورة ب1000 كلمة فتخيل هو عامل ازاى ؟!..

تبعد؟.. تبعد اكتر؟.. تستحمل؟ ليه؟.. تسامح؟ ليه مادام انت اصلا مش متسامح عمرك ما سامحت !.. تمشى الطريق؟ ولا تكمل؟.. فيه فرق وش !.. سبحان الله على الشبه بيننا و على كمية اللهم اعوذ برب الفلق اللى ممكن كانت تتقال فى ميت موقف، لكن كان المفروض كل واحد يحافظ على التانى قبل ما يقول قل اعوذ برب الفلق ، حرص و لا تخون زى ما بيقولوا ..و البعد هو احيانا، و فى كتير من المواقف هو العلاج الرسمى لاجعص مشكلة ممكن تواجه اى شخص باى حاجة او باى فرد..

الكلام بيوجع ! الكلام بيعلم فى نفس الانسان !.. انتوا ليه مش قادرين تستوعبوا ده قبل ما تنطقوا باى حرف ؟! ده الرسول هو اللى قالنا كده ! و ربنا.. و المشكلة الاكبر اننا بناخد حياتنا كلها كلام و فتح بوء و خلاص ، مصلحتى فين و اجرى وراها عشان امسكها و ابوظها عشان متجيش المصلحة لحد تانى !.. بنسمع كلام من اقرب ناس لينا و بناخد كلامهم موعظة حسنة ! من غير حتى ما افكر قبلها هو الكلام ده صح و لا غلط بالنسبة ليا !.. مفكرتش مرة تتنازل عن حقك ان يتقلك آسف و تقوم تعمل انت كده فى الاول ؟؟ .. ده حتى يعنى لو مغلطتش بس ارضاء للبنى آدم اللى قدامك و اللى بتعتبره على حد قولك انه مهم بالنسبالك ! .. تفسير كلمة مهم او حاجة بالنسبة لاى شخص لآخر فهى عبارة عن مراحل لازم يكون عدى بيها عشان يوصل و افعال اكتر توضح القول ده ، كل الناس عارقة و فاهمة دة جداااااااااااااا ، لكن التطبيق و الفعل زيروووووووووووو !!..

انت بتفتكر نفسك لما تلاقى اللى كنت فاكر انه مهم بالنسبة ليك هيمشى !.. دايما مش بنفتكر حياتنا الا ما تقرب النهاية !.. المشكلة الأعظم عند الانسان.. و الصراع الحيوانى الداخلى بين قراراتك انت صنعتها من قلبك و مشاعر و قرارات و حلول من عقلك و نفسك اللى داقت طعم الكلام و فنطتتة على حسب نوعة و المقصود بيه ، نفسك تردم كل ده ! صفحة جديدة ! ينفع اكمل الطريق و السواق مش عايز يكمل سواقة فى الوقت ده ؟؟!.. بتحاول تأكّل ال3 حيوانات هنا و هناك عشان كل واحد منهم يبقى راضى و يبقى مرتاح ! .. لكن انت بتاكلهم عشان يعيشوا على حسابك كده على فكرة !..و يا ريت افتكره بعقله ! افتكره بالتلاتة ! عقله و قلبه و نفسه ! .. ليه يوصل للمرحلة دى ؟؟.. و كلام قلته كان فى دماغك تنفذه بس بترجع و تقول المسامح كريم !.. لما تيجى تتعامل مع حد و تتكلم معاه و يكون بينكوا مواقف.. متنساش نفسك وسط كل ده فى النص، تايه و مش عارف تلاقيها، بتدور وسط كلام و افعال و مواقف و مشاعر رايحين جايين ! .. لما تلاقيها اوعى تسيبها تتحكم فيك ابدا و دايما اخضعها و اذلها "لله" بس و اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى ضميرك.. اعمل اللى يرضى عليه دينك و عقلك.. دينك و عقلك، دينك و عقلك، دينك و عقلك، دينك وعقلك، دينك وعقلك، دينك وعقلك، دينك وعقلك، دينك وعقلك..

 كل ده كلام معكوس من كذا مراية، صعب يتفهم زى ما هو سهل يتحقق !

المجد للشهداء
العبد الفقير الى الله