الجمعة، 14 فبراير 2014

هلاوس

أستيقظت على صوت منبهى السخيف الساعه الثامنة صباحا وفى نفسى كثير من الزهق والملل من كل شىء مع دماغ أفغانى!.. المهم، ذهبت للاستحمام، ثم للفطار على السفرة مع زوجتى والاستماع لرغيها الذى يصعب ايقافه، لكن هذه المرة لم تفعلها!.. لم تتكلم سوا أنها تسألنى عن بعض الأشياء الحياتية فى بيتنا فقط!.. ليست كعادتها! (لابد أنها تحتاج منى شىء، والا فلماذا هذا الحنان الأمومى؟!.. متى سيكفون عن مطالبهم هذه؟!).. طلبت منها أن تُلخص من وراء صموتها و تأتى من آخر السطر وتطلب ما تريده، لكنها لم تطلب منى شىء و ودَعتنى بقُبلة بفمى و سألتنى عن ما الطعام الذى أشتهيه اليوم؟.. عجيبة! (لابد وأنها تريد شىء غالى الثمن، أو أنها ستفعل شىء فى الأيام المقبلة لا أحبه وتهيأ عاطفتى من الآن!.. لكن على من!؟).

نزلت متوجها بسيارتى لمكان عملى، من حولى سائق أجرة يبدو على حاله الروقان والفرح (أكيد ضارب برشام كى يكون بهذه السعادة!).. و صاحب السيارة الفارهة التى بثمنها أشترى مصنع للقماش بعمالها (لابد وأنه ابن تاجر مخدرات!.. أصبحوا أكثر من البائعه الجائلين!).. وشاب يسير بجانب فتاة يتضاحكان فى ود وسعادة (الزواج العرفى يفعل أكثر من ذلك!.. لا يمكن أن يكونا زوجين شرعيين، والا ظهرت علامات عامل الصرف الصحى على وجه الرجل).. و محل دهب عريق يبتاع المجوهرات والحُلى المرصع بالياقوت (هل العمل مع المخابرات الأمريكية شىء فاره كهذا؟ خصوصا وأن صاحب المحل مسيحى!).. تأتى اشارة المرور لأتوقف بضع دقائق، ومن ثم يأتى رجل فقير يطلب منى حسنة ومال (أموالهم أكثر من أموالى، على الأقل ليس عندهم مدير ابن كلب مثلنا!.. ولماذا كل هذه الأدعية لى؟ لست ابن خالته!).. ألقى ببعض المتظاهرين الذين يطالبون كل هذا بالحرية والديموقراطية وسقوط حكم العسكر، و مظاهرة أخرى تطالب بعودة الشرعية لمرسى (أنا وابن عمى على بعض).. أخيرا وصلت لمكان عملى الذى أعلمه بعلامة عم أشرف السايس الذى يطلب منى الركن فى مكان عام، مملوك للدولة فى الأصل وأخذ اتنين جنيه قهر والا أكون من الذين يتشبعون بالمال والغرور! (اذا قلت ان على الاقل 50 عربية تركن هنا كل يوم ويأخذ عم أشرف اتنين جنيه على الاقل من كل واحد، فيساوى 100 جنيه فى اليوم، أى 2800 فى الشهر!.. النصاب!).. صادفنى صديقى ذو لحية تشعر أنه يربيها عفانة لا أكثر( كى يستميل المدير ويقدم فروض الطاعه والولاء) سلمت عليه وتوجهنا للمصعد، للمكتب.

فى مكان العمل الجميع يلبس القناع، قناع السعادة، الطاعة، المصلحة، والصداقة.. ترى هناك الذى يسكب الماء الساخن على مج النيسكافيه وهو يداعب زميلتنا صاحبة جسد ممثلى الاغراء فى السينما، وهى بالفعل مصدر اغراء لكل العاملين، حتى أنا (لكن لا يمكننى الحديث معها حتى لا يتطوع فاعل خير ابن متسخة يوصل هذا الكلام لزوجتى التى ما تصدق أن تفتعل خناقة!.. لماذا يعشقون الخناق والحزن أكثر بعد الزواج؟ كى يعلموا مدى حبنا ناحيتهم؟ وهل يزيد أم ينقص حسب حجم الخناقة؟ لماذا لا يكشفون على قواهم العقلية؟ ليس عيب على ما أظن!).. وآخر يسبح بحمد المدير، و أخرى تميل مع صديقتها كى يتحدثوا ما الذى يفعلونه مع أزواجهم بضحك صاخب ودون حياء، مع انى لا أسمعهم، لكن لابد وأنه كذلك من ضحكاتهم هذه، وعامل البوفيه الذى يسب لعناته بين عينيه وهو يقدم لنا القهوة، وكل من حولى ينظرون الى فى حقد وحسد، لا يتمنون لى الخير، حتى وان لم يصرَحوا بذلك، فأنا لا أصدق الا نفسى. أتكلم معهم جميعا بزوق وأخلاق، لكن نفسى وهلاوسى تجتاح قشرة مخى أكثر من كلامى الذى يسمعونه، فالحمد لله أن نفسى لا تتكلم.. هو كلام بيننا فقط، دون تعامل.. لا أحب التعامل أن يزيد بين الناس، حتى لا يكون هناك شىء اسمه *واجب*!.. لا أحب المناسبات التى يتفشخرون بها فقط، ولا التعازى الذى يقدمونه فى مسجد عريق بسعر باهظ يستطيع سد كرب عشرة فقراء، ولا أعياد الميلاد المكتظة بالسخافة، ولا الأفراح، لا شىء من مناسبات، حتى العزومات.

أتصل بزوجتى بعدما أنتهى من عملى وأركب السيارة، كى تُحضَر ما قلته لها على الغذاء، بعض من الأسماك التى أعشقها.. وقفت أمام قهوة وطلبت واحد شاى، ثم تذكرت انها من الممكن أن تعمل الرز الأبيض بدلا من الأحمر الذى أحبه، فأتصلت بها وقلت لها: الرز الأحمر، ها ، لا الأبيض و لا تنسى مثل كل مرة ، آه على الغباء ! .. كنت متوترا من الجوع وأخشى أن تفسد علىَ طعامى المفضل هذه المرأه البلهاء.. تظل تتكلم مع جارتها و أصدقائها فى الموبيل وتليفون البيت (ليس سنترال أهلك) ومن الممكن أن تنسى الطعام على النار!.. سوف ألتهم نفسى من الغيظ كلما تذكرت أنها من الممكن أن تخطأ فى عمل طعامى.. تلك البلهاء.. تلك البلهاء التى تملك عقل دجاجة!.

مع الوقت شعرت أنى أكررها، لا، بل أريد قتلها، لكن لن تكون نهايتى بالشنق، لا أحب تجربتها.. اذا فأطلقها، ولكنى لن أظفر بطعامى المفضل!.. ماذا أفعل؟! لابد أن أتوجه لبيتى حالاً. وصلت وقد أنتهت من عمل الطعام، ونسيت كل ما دار فى ذهنى، كانت الطبخة موفقة لأبعد حد، الشهية لا تنقطع من فرط لذة الطعام، وظللت ألتهم السمك مع الأرز والسلطة والطحينة والعيش، أكننى لم آكل منذ زمن من جمال هذا الطعام.

بعد حبس ما دفنته فى معدتى بكباية ينسون، والاسترخاء قليلاً، جائت زياة حماتى، السيدة التى تحتفظ بجسدها الرشيق والمساحيق التى تضع وجهاً غير وجهها من كثرتها، والملابس غالية الثمن وهى فى سن لا يحتاج سوى عدم ترك سجادة الصلاه (هل تبحث عن زوج غير زوجها _والد زوجتى_ الذى توفى من ثلاثة سنين؟ والا فلماذا كل هذه الشكليات الزائدة عم حدها؟).. بعدما غادرت، كان فى التلفاز بعض البرامج السياسية التى لا تمت للسياسة بصلة، ولو تحدثوا عن سحالى الأجوانا لكان أفضل بكثير (مرتبهم فى الشهر هؤلاء الاعلاميين قادر على حل ما يعرضوه من مشاكل قسماً بالله، ولماذا يدَعون الفقر؟).. أظل فى ملل أتابع القنوات، ثم أغلق التلفاز متوجهاً للكمبيوتر، وتأتى زوجتى معى، فهى لا تثق فى هذا الجهاز الذى يساوى مصباح علاء ولى الدين حالياً (لو كنت أريد فعل شىء، فعلته فى الخارج وليس هنا ، يا لغباء النساء!).. أطفا الجهاز، والملل مازال يوارد جهازى العصبى، مع العصبية التى وللشهادة لله، تعرف زوجتى كيفيه تهدئتها، و التفكير فى الطعنة التى ستأتى من ظهرى ومن مَن؟ ولماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ ، فللنوم..

فاجئنى سؤال وأنا على فراش نومى : * لماذا لا تكون قد أحضرت هذا البلهاء الطعام من الخارج؟!.. كانت أكلة السمك كغير عادتها من جمال وشهية!.. السافلة! * .

المجد للشهداء
العبد الفقير الى الله




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق