الاثنين، 17 يونيو 2013

بيئة !


بيئة !

أكتر كلمة بكرهها فى حياتى كلمة ’’ بيئة ’’ ! . أولاً لا أعلم ما دخل البيئة فى تحديد مكانة الناس؟!.. فجميعنا القاصى والدانى يسير فى نفس الشوارع المُحملة بغازات العربات، قلة الأشجار، ضيق صدر الناس، رائحه السجائر، الشتائم التى غلبت على ذكر الله. وثانياً سأمشى معك و نترك سؤالى وندخل على أسئلة أخرى.. هل خُلقت من طينة أنقى؟.. لماذا لا تضع نفسك مكان من تسخر منه؟.. لماذا ترضى لغيرك ما تكرهه لنفسك؟.. ضع نفسك مكان من توبّخُه بكلماتك الدنيئة و تصوّر رد فعلك؟.. هل تخيلت الظلام الكاحل الذى يملأ نفس أهنت كرامتها؟.. هل تخيّلت نفس أب قللت من شأنه أمام أبنائه الذين يعتبروه قدوتهم؟.. اذا كنت تقبل، فأرجوك حاول أن تنظر فى  المرآه خلفك كى ترى اذا كانت حمراء أم الذيل يحجب رؤيتك.

كنت فى سيتى ستارز و رأيت البعض يضحك على أشخاص يصوّرون بكاميرا الموبيل بعضهم البعض مرددين كلمة ’’ بيئة ’’، فكانت ضحكاتهم و سخريتهم كفيلة بالتأكيد على مرضهم العقلى والنفسى. لا أعلم ما سر السعاده والمتعه بالسخرية من بساطة البعض؟.. هل يعلمون أنهم يسخرون من أشخاص من الممكن أن يعيشوا و يموتوا بدون جمع نصف ثمن الكاميرا التى نحملها؟.. كنت أود الرد عليهم، لكن ضعفهم النفسى جعلهم يتهامسون فقط، دون رفع أصواتهم حتى لا يلقوا من التهزيق وقلة القيمة من الذين يسخرون منهم، فهم يخافون على برستيجهم أكثر من انسانيتهم الممتزجة بمياه المجارى.

كلمة ’’ بيئة ’’ ثقافة متخلفه، فجعلت المسافر الى بلطيم بيئة و المسافر الى مارينا جامد آخر حاجة.. الذى يلبس الكات أنضف من الذى يلبس صندل أو كوتشى عادى.. الذى يتكلم لغة أجنبية كوول وآخر روشنة انما اللغه العربية لغه القرآن ولغه عروبتنا لا يستحق النظر أو الاهتمام.. غرست فى نفوس البعض قرف شم النسيم بسبب بساطة الناس فيه وانتشارهم.. التكلم ِبترفُع مع البعض ودس كلمة او كلمتين انكليزى فى وسط الكلام.. جعلت التى تنزل بالمايو البحر رفيعه المستوى، اما التى تنزل بملابسها متخلفه..  الأكل على عربية فول والتحلية بعصير قصب أقل بكثير أمام الذى يأكل فى سبارتا.. عامل النظافة،وليس الزبال، لا يستحق صفة بنى آدم.. السكن فى امبابة يقلل من احترامه للناس أمام الساكن فى المعادى.

يتضايقون من كلامهم، ملابسهم، أكلهم، شرابهم، مكان سكنهم، بساطتهم، حريتهم، و سعادتهم.. ولا يشغلوا بالهم بسر سعادتهم بأبسط الأشياء، والرضا الذى أنزله الله عليهم.. فهل جربت يوماً أن تلتفت الى سعادتهم بدلاً من السخرية منهم؟.. أى شىء يفعلونه يرسم البسمة على وجوهم ليس من حقك اتهامهم بكلمة ’’ بيئة ’’ ..هذه بساطتهم التى تخلق سعادتهم.. هذه هى امكانيتهم المتاحة أمامهم، والتى تُخرجهم من كيد الفقر، فكما قال سيدنا عُمر : ’’ لو كان الفقر رجلاً لقتلته ’’ .. صدقت يا فاروق.

حاول أن تمحى هذه الكلمة من قاموس حياتك، واستبدلها بحمد الله على ما انت فيه، و سعادة نفسك من سعادة غيرك. قدّر الناس بأخلاقهم، فرحهم، وأنظر الي جوهرهم، أكيد سترى شىء من الطيبة، الحنان، العطف، نقاء الروح، الرضا، المحبة، التسامح، الايمان، الحب، البساطة، شىء من بلدك.. شىء منك. عندها ستشعر أنك انسان، منحه الله القلب كى يحمده على حاله، وألا يستنكر كل من هو أقل منه. ويعتبر الأقل منه انساناً.. والأقل منهما انساناً.. انسان من حقه الفرح والضحك من غير سخرية أو تعالى لمجرد أنه لم يدفع منيمم.. لضحكته.

المجد للشهداء
العبد الفقير الى الله