الأربعاء، 19 مارس 2014

صداقة..

لم أفهم قط أن الصداقة لها أخلاق!.. فأنا أعتبرها دائما سلسلة مصالح، ما الذى يدعونى للتشبث بشخص لا رجاء منه ولا فائدة؟ ما الفائدة من بقرة جافه؟.. كانت صداقاتى مُعوَجة فى بادىء حياتى، الطفولة وحب اللعب والمُصاحبة، و تكوين شلَة المنحرفين الصغار، كنت أحب أصدقائى الصغار، أذهب للمدرسة لأصدقائى لا للتعليم، كم كنت أكره التعليم والأستاذ سيد صاحب الكرش الدائرى الغير مفهوم بالمره. فكانت حصته وسيلة للسخرية منه ومحاولة كتمان الضحك قبل أن ينفجر بينى وبين أصدقائى، كانت شلتنا تتميز أنها تفعل القليل، فتكسب الكثير. نُذاكر فى آخر الأيام ونبقى من الأوائل، من أضعف فرق كرة القدم فى المدرسة فى الصف الإبتدائى، ولكن لا يفوت علينا كأس إلا وكسبناه، فاليد الواحده من الضعف، بخمسة أيادى منفردة من القوة. كنت أعلم أن لا أحد يُحبنا سوى غيرنا، مننا فينا، وهذا التملل الذى نراه من الآخريين ليست سوى مصالح، فهم يعلمون أنهم إذا أنضموا لشلتنا، فسيشتهروا على شهرتنا وفى حماية قوتنا، ولسنا كزهره تخرج رحيقها لحشرة يا عزيزى، بل نأكلها. كنا نستخدمهم فقط ، ولكن لم يفلح أحد فى الوصول لهذا المنصب، حتى عندما تكوَنت شلة أخرى من الكارهين لنا، لم يستطعوا الحد منا، وكيف السبيل إذا لم تكونوا يد واحده؟. كنا نفعل كل شىء مع بعضنا، الأكل، الشرب، اللعب، التسخيف، الضرب، المذاكرة، الدروس، لم ينقصنا سوى أن نكون جيران فى نفس العماره.

وصلنا لثمانى سنوات من اول المرحلة الإبتدائية، ونحن كتف بكتف ويد بيد، إذا شاهدنا أحدهم، فلن يلقى بفارق كبير وبين مدرسة المشاغبين، سوى التفوق، لم يكن غرضنا من التفوق أن *نصبح* الأفضل على الكل، بل أن *يصبح* كل واحد مننا أفضل من الثانى، كنا ننافس بعضنا البعض، ولا نشهر بذلك، كما تكون هى ميزة لنا، فهى ضعف إذا أُستغلت فى الخطأ، ونحن قد سمعنا المثل الذ يقول : " لو وقعت البقرة، كترت سكاكينها". مرَت المرحلة الإعدادية على نفس منوال المرحلة الإبتدائية، غير أننا أدركنا أنه يوجد شىء آخر يدعى البنات.

أول معرفتنا عن المرأه -بغض النظر عن الأم والأقارب- كانت فى حصه الأستاذ عطيه فى بداية المرحلة الثانوية على أن جنس المرأه مختلف عن جنس الرجل . صادقت العديد منهم، كنت أحب الحديث معهن أكثر من أصدقائى، ولكن للتسلية وليس أكثر. ولكن وكما قال الله عز وجل حقاً وصدقاً : " إن كيدهن عظيم " . بدأت الطاولة التى وضعنا أرجلنا عليها، بالإنقلاب، بمساعده هؤلاء الفتيات، بدأت كل واحده منهن بوسواس يضرب الحديد وهو ساخن على نفوخ كل واحد فينا، و تضع فى نفسه أنه الأفضل وأن الباقى لا يستحقون أمثالك و أنه يغير منك علىَ و أنه تحدث معى قبل ذلك على الخروج معه وأنه يكرهك، إلخ إلخ إلخ.. تعلم جيداً أن القوة لها قوة مضادة مساوية لها فى المقدار، فنفس حماسة صداقتنا، تحولت لألد أعداء بفضل هؤلاء الفتيات.

أعشق هذه الأمخاخ التى تُفكر، بل تتهندس فى الشر، عمق غريب فى هذه الأمور، فالحيلة والخداع فى النفس، كالتصويب الدقيق على تفاحه معلقة فى شجرة بالسهام، أعشق الذكاء واللعبة الحلوة وإن كانت فى الشر. لم نتجمع بعدها إلا ودار عراك لفظى وجسدى بيننا، وقررنا ألا نقترب من بعضنا بدئاً من الآن، فغنى للشر و علمه لى وحياه والدك.

أحب وأحترم من يعمل الشر ويتقنه، أما الأغبياء هم الذين يعملون الشر دون ترتيب مسبق لخريطة جيده، فالشر من الممكن أن يُرغم الخير على أن يُطاطى له، ولكن أن يحترس من إنقلاب الطاولة. هذا الإحتراس لابد أن تهتم به أكثر من عمل الشر نفسه، فالدفاع خير وسيلة للهجوم، ولا تُقبل على الشر إلا إذا كنت مضطرا، فلو أصبح سهلاً، قتلتك سهلاً. فهو كاللعب بالنار، اذا لم تحترس منها، أحرقتك. التحكم فى القوى شىء عظيم، ومعرفه متى تستخدمها شىء أروع..

أصدقاء الجامعه لم أر فيهم شىء، مجموعة من الفراخ يبيضون فى مزرعة الدواجن التى نتعلم فيها، كانت حدود صدقاتى معهم لا تخرج عن حدود سور الجامعه، فأنا ضيق الصدر مع ثقيلى الدم، وإن حاول أحدهم التخفيف، يبيض أكثر. أما الفتيات فكان صدرى لا يتسع إلا لغيرهم. فى تعاملاتى معهم أكن لمن يدَعون أنهم أصدقائى كل الإحترام على تمثيلهم المحدود، أعلم أسباب صداقتهم لى وألاعبهم لها، كالذى يصادقنى كى أساعده على مكالمه صديقة لى أعجبته، و الذى يحتاج مساعدتى عن دكتور حازم لقرابته منى، و الذى يحتاج لصديق له شخصية قوية تسانده فى الجامعه، والذى يتملل كى أساعده فى المذاكرة، والذى يريد المُلخصات التى أفرزها من الكتاب، لماذا يعتقدون أنى نجيب محفوظ؟. لماذا كل هذا التملل والملحسه؟ يقولون أنه واجب الأصدقاء على بعضهم، فلماذا لا يفعل أحد شىء إلا إذا كان بمقابل؟ لابد أن تكون صادقاً مع نفسك، حتى تكون صديقاً، ولكن الآيه هنا العكس، فهم يدَعون أنهم أصدقاء دون أن يكونوا صادقين. الصداقة هى أن تفعل ما عليك قبل أن تطلب مقابل.

لم أهتم بهم مُتحججاً بأسباب خاصه، فمن السعاده أن تعيش و رأسك ليس فيها شىء سوى نفسك، نفسك وفقط، لن أعيش فى هذه الحياه لخدمه ناس أخرى، ستساعدنى نفسى فقط، لا أحد يحب مصلحتى سوى نفسى، هى الحصان الرابح فى نهاية الأمر أو الخاسر، فعلام أحتاج لأصدقاء؟ أسيكونوا الضهر والسند؟ من الممكن أن أساعد شخص ولا يكون صديقى، فعامل الدليفرى الذى أعشقه، لم يكن يوما صديقاً لى. لماذا لا تكون معاملات سطحية دون صداقة؟ وان سألتنى العكس، فسأتقبل غباءك وأقول لك الذى قلته مرة أخرى، صداقة دون مقابل هى الصداقة الحقيقية، ولكن لابد أن تبحث عن مثل هذه الصداقات فى الغابات الإستوائيه. وإذا سألتنى عن ما الداعى إذا كانت الصداقة خدمة بخدمة وغيرها؟ أعتقد أن حب النفس أقوى على الإنسان.

أُقلب آخر صفحات الكتاب..
 لم ألق بصداقة حقيقية إلا بين الحيوانات، فالكلب لن يطلب منى رطلاً من اللحم جرَاء ما أفترفته فى حقه من المشىء فى شوارع القاهره ضهراً، ولا القطه التى ستطلب منى خزان من اللبن ثمن حبسى لها فى الغرفه، لم أعترف إلا بغيرهم كوسيلة للصداقة، دون وجعاً للجمجمة أو صب المزيد من إضاعه الوقت على أشخاص لم تلدهم أمى ولم يكونوا فى عائلتى، و علاج مرضاهم السخيفة التى تحمل الكثير من الحقد والكراهيه والمصلحه، ثلاثى يعصفون ببرج إنارة مستقبلى، ولكن قد فهمت اللعبه فى بدايتها.

المجد للشهداء
العبد الفقير الى الله

الخميس، 13 مارس 2014

من أحببت؟

 وميضٌ من نور يظهر ويختفى عند عقب باب ضخم مُزخرف ببعض الكلمات و الوجوه الدقيقة، تفوق عبقرية دافنشى، ويزداد الوميض كلما أقتربت من الباب الضخم، ويختفى الباب تدريجياً مع حركتى، كأنه يُخفى ورائه عالم يُجرى تجارب كيميائية، تَشُع تفاعلاته نوراً عظيماً. وها قد أختفى ، النور يغطى كلياً بصرى، أضع يدى اليمنى على عينيَ وأقف ساكناً بعدما تخطيت حدود باب قد أختفى، أو أن هذه وسيلة الدخول، لا أفقه شىء حتى الآن. يظهر الباب مُجدداً بعدما تخطيته، ينغلق مُحدثاً صوتاً عنيف خلفى، رجعت فى فزع وأنا أضرب الباب، محاولاً فتحه، وفى هذه  اللحظة بَسُط الوميض عن بصرى وتركنى وشأنى، ثم إستدرت لأرى بعض من الخيال.

  مكتبة متعددة الرفوف، تحتوى على العديد من الكتب، منها التى غطَاها التراب، والتى فُتحت كثيراً، والتى لم تُمس، و كتاب واحد فقط مكتوب عليه بخط عريض : " ليس للإطلاع ". المكتبة بداخل غرفه تملئها عدد لا نهائى من الصور، قرن من الزمن لا يكفى لتصوير كل هذه الصور!. الكتب مُرتبة بنظام، الصور مبعثرة فى الغرفه، ولا أشعر برائحه معينه، كأنه لا يوجد هواء من الأصل. أتحرك تجاه أحد الكتب، فأسحبه من رفه، أبعد التراب الذى عصف بغطائه بيدىَ، فأقرأ إسمه، كتاب الحب، فأبدأ بقراءة صفحاته بدون ترتيب.

فتيات، مراهقة، نساء، شجن، حب، أحضان، قُبلات، كلام، دموع، فرح، سعاده، ضحك، إبتسامات، شعر، أغانى، رومانسية، بحر، خلاف، همسات، وجع، عتاب، مُصالحه، عيون، وعود، مشاعر، سؤال، إهتمام، غيره، مداعبة، جنان، جرح، فقد، موت.

من التى أحببتها؟.. من أين؟.. ومتى؟.. وما إسمها؟.. هل عشت طويلاً معها؟.. هل كنت أحبها بالفعل؟؟.. أعشقها؟.. هل كان لديها أم يصقف لها الجرذ على صفاقة حديثها وأفعالها؟.. ما لون شعرها؟.. ما شكل جسمها؟.. هل كانت تحبنى؟.. لماذا لا أعلم عنها شىء؟

كلمات هى عناوين للكتاب و تفاصيله التى كتبها القلب، كلمات تغرس فى صميم قلبى وقلب من؟؟.. لا أعلم من التى حببتها أكثر ! وهل احببتهم جميعاً؟!.. أنا لا أؤمن بهذا على الإطلاق، فالحب كالفرصة، لا تأتى غير مرة واحده.. فتيات المراهقة نوع من إشباع الذات لا 
أكثر، كنت أريد الإنطلاق بعمرى، فسلكت الطريق الأسهل عبر الفتيات، لم أرتكب أى حماقة معهم، غير السلام على بعضهم باليد، كنت أبله بعض الشىء، وأعتقد أن مثل هذه الأمور حماقة، بعدما علمت أن أحد أصدقائى تهور و سلَم على صديقته بيده كلها، وأنا أعتبر السلام بطرف الأصابع هو العيب بذاته !. صادقت وأحببت -بمعنى المراهقة- ولم أوعد أحد قط بأى شىء، كانوا كالشياطين يجروَن الناعم والطيب وما لذ بمهارة يحسدون عليها، بعدما أوقعوا بجميع أصدقائى البلهاء، ولكن "صياعتى" أنقذتنى، فالشر بالشر هو الخير نفسه يا عزيزى. تفرقنا جميعاً فى مختلف الكليات والجامعات، وإنتهى ما لم يبدأ فى علاقاتنا.

بدأت دراستى فى الكلية دون إهتمام بمختلف البنات والحب، كنت أود التفوق والسفر لباريس، فحوارىَ عينى هناك بالفعل. تلمست بعض العلاقات السطحية مع مختلف البنات والشباب أولا، وكنت أثقل نفسى بما فيه الكفاية لتتركنى الكثير من الفتيات، يا لغبائى!. قررت أن أوسع آفاق قلبى ونفسى لمثل هذه العلاقات، فلا مانع من الحديث مع بعضهم والذهاب لبعض الكافيهات والمذاكرة، والسفر فى رحلات تابعة للجامعة، ما المانع؟. فى سنين الجامعة أصبح عندى صديقات، أخوات، حبيبات.. الصديقات هن التابعات لأصدقائى وأحسد أصدقائى على بعضهن، و أخواتى من يحملون أجساماً بدينة، و حبيباتى هن الذين ،، لا أعلم !.. لم أشعر بهم فى قلبى، أشعر بهم فقط عندما أختلث نظرى على أحدهن وهى تصلح جزمتها وتكشف الكثير من ثديها، أو تساعدنى فى المذاكرة، هنا فقط أشعر بهم!.. فقط هن للتسلية وإرضاء طبيعة الحياه بالعلاقات بين الجنسين. لم ألمس أو أوعد أحدهن قط، فقط كانت كلمة "بحبك" التى أصبحت مملة من كثرة تكرراها راضية بما فيه الكفاية عندهن، هو الهبل بشحمه ولحمه !.

من التى أحببتها؟.. من أين؟.. ومتى؟.. وما إسمها؟.. هل عشت طويلاً معها؟.. هل كنت أحبها بالفعل؟؟.. أعشقها؟.. هل كان لديها أم  يصقف لها الجرذ على صفاقة حديثها وأفعالها؟.. ما لون شعرها؟.. ما شكل جسمها؟.. هل كانت تحبنى؟.. لماذا لا أعلم عنها شىء. 

تخرجت أخيرا، وبتفوق، و إنتهى التعليم كما إنتهت علاقاتى مع الفتيات الذين أحببتهم، أما الصديقات والأخوات ما يزالوا على قوائم هاتفى، نتحدث من آن لآخر، كنت أحبهم من قلبى بالفعل كالأخوات و الأصدقاء، أرتاح فى الحديث معهم كثيراً، فعيد الصداقة و الأخوة أولى من عيد الحب، فالصداقة تستمر، عكس الحب. كنت أجد نفسى معهم بالفعل، أتحدث بشخصيتى، لا أضع اقنعتى على لسانى كما أفعل مع من تحبهم نفسى.. كم تمنيت الخير لهم جميعاً بالفعل، ولكن ليس مع أصدقائى.

زميلات العمل، وما كثر حُبى لهن، فمع زيادة عدَاد العُمر، يزداد العقل نضجاً فيهن، و المؤخرات إثارة. علاقتى بهن ليست لها قواعد سوى القواعد التى يضعها أستاذ محسن رئيسنا فى الشركة. الإلتزام، العمل، التركيز، المواعيد، الإنضباط، الجهد، وكيف تكون جرواً مطيعاً لسيده. فى العمل، أداعب زميلاتى بالضحك والكلام، مع سرقة نظرات قد تطول على أجسادهن، كان بعضهن يعشقون ذلك، يتحمسون لأنوثتهم، والبعض الآخر لابد أن قادمين من عهد سعد زغلول، لا كلام ولا ضحك ولا صداقة الا بحدود ضيقة الأفق، نحن فى القرن الحادى والعشرين أختاه!. كانوا مصدر دعمى فى العمل، فما الذى يدعونى للمجىء مع هذا الأستاذ مُحسن إلا بهتك عرض وجهه من الضرب؟. كانت الأيام ومن أحببتهن وجهان لعمله الملل، كنت أحب أحدهن، لكن لم أشعر بها أيضاً، الشىء السهل فاقد لأهلية الإحترام. وعندى الإحترام له عنوان فى نفس من سأحب، وليس فى نفسى.

بعد إنتهاء إحدى الندوات الثقافية التى أعشقها، شدَ إنتباهى حديث جانبى من جانب فتاة مع أصدقائها حول موضوع الخير والشر فى النفس، فتتكلم على أن الخير ينبعث من قلب فاطر بالإيمان و عقل يضع الحدود لهذه القوة، فكل شىء يجب تحديده وتحجيمه، والا ينقلب على صاحبه، حتى الأدوية اذا ما أخذت منها الكثير، ضعفت مناعتك، واذا منعتها أو قللتها وقت الحاجة، غلب عليك المرض أكثر. ثم استطردت كلامها مع باقى أصدقائها فى ضحك ونقاش، وعندما إنصرفت هى بعيده عنهم، إتجهت لها، لا أعرف كيف أبدأ حديثى، ولم أعرف أبداً كيفية بدء الكلام، لكن شعور قوى يجتاح بؤر عقلى وقلبى يدعونى لخوض هذه المحاولة.

إستوقفتها كمعجب بكلامها و تأسفت لها على سماعى لحديثها دون إدراكها، و شكرتنى فى بادىء الأمر فى أدب و زوق، ثم إستسمحت لها فى سؤال، فقبلت فى إبتسامة، أعتقد أن وجهى أحمر منها..

_ما الذى يدعو الإنسان لإرتكاب الشر وهو يعلم أن الخير هو الطريق الأصح والأفيد والذى فى صالحه؟

_هى النفس.. النفس التى تقف فى زور كل خير، فهى أهل للشيطان، وعند ارتكاب الانسان للشر فهو بالتأكيد يعلم أنه مُخطىء، لكن نفسه تضع المسكنات لضميره قد تغشى عينه عن الخير والحقيقة الغائبة. يعتمد الشر على ضعف قوى النفس، و ضعف النفس يأتى من الإبتعاد عن الله، والإبتعاد عن الله لا ينطوى إلا بالصلاه وذكر الله دائماً والإحسان للوالدين.. عقلك لن يساعدك على تخطى حاجز النفس بينك وبين الله، لأن العلاقة بينك وبين الله هى روحيه و ليست عقلية، فهى فوق حدود العقل.

أقف مبتسماً لحديث رائع من إمرأه أروع، ثم أقول لها مع إبتسامة عريضة : كلامك رائع يا .. ما إسمك؟

تبتسم إبتسامة تنم على أنها قابلت مثل هذا كثيرا، ثم تقول : إسمى ليلى

_أعشق هذا الإسم، و أحُييى الوالد عليه، ضحكت ثم شكرتنى ثم سألتنى

_هل لديك فكرة عن سبب زرع الله الخير والشر فى الإنسان وعلاقته بالنظام العام فى الكون والحياه؟

_فاجئنى أنها تريد إستكمال الحديث أكثر من السؤال نفسه، فأهتز قلبى فرحاً أنى سأستمر مع هذا الملاك، فقلت : سبب الخير و الشر فى الإنسان كالنفس و العقل، الإثنان عدوان لبعضهما، ميزان القلب أو الإيمان هو القاضى بينهما، خُلق الإنسان بهذه الطبيعه و سيستمر بين صراع النفس والضمير حتى الموت، هذه معركة لا يوجد فيها غالب و مغلوب، لأنها غريزة كوننا بشر، نخطأ ونصيب.

_أعجبنى كلامك وتفسيرك، و لكن ماذا عن علاقتهما بالنظام العام والكون أو الحياه؟ قالتها و هى تبتسم أكثر و عيناها فيها الإهتمام، ولكن ليس كمثل سعادتى أبداً

_شكرتها جزيل الشكر ثم إستكملت قائلاً: فى قيمة الإنسان الذى أوجده الله لا ليفعل الشر، بل ليُقبل على الخير مُختاراً. ولكى يختار وفُر الله له القوى الضرورية لذلك، مع وضع حدَ لها حتى لا يُخل بالإفراط فى الحرية بتوازن النظام العام و الحياه. الشر الذى يُحدثه الإنسان يعود عليه بالضرر، وليس على النظام العام.

_رائع جداً، والذى يتذمر على أن الله لم يساعده فى محاربة الشر؟

_الذى يتذمر على هذه، هو بالفعل يعترض فى الواقع على أن الله حاباه بطبيعه رائعه وأضفى على أفعاله صفة الأخلاق الشريفة الكريمة فى نفس وفعل الإنسان، إذ بها ندبه للتحلى بالفضيلة. أية سعاده أكبر من الشعور بالرضى على النفس؟ وحتى يتركنا الله مُخيَريين، وليس مُسيَريين كما يدعى البعض، وضعنا الله أحراراً لنختار، وبلانا بالشهوات ليمتحننا و وهبنا الضمير لنقاومها. أيوجد ما فوق ذلك؟.. أكان وارداًً أن تضع الصراع والتناقض فى قلب طبيعتنا وتجازى على الخير من لا يقوى على الشر؟!.. تخاريف عقلية لا أساس لها من المنطق، فحتى لا يكون الإنسان شريراً أكان على البارى أن يسجنه فى حدود الغريزة ويجعل منه حيواناً فى قفص؟ حاشاك ربىَ وأحمدك كثيراً

تورَدت وجنتيها كأجمل زهرة أراها فى حياتى، والإبتسامة الواسعه و الإهتمام بالمزيد من الكلام و الكلام الذى زادنى فرحاً و طيباً وسعاده وجمالاً عندما شكرتنى و تمنيت أن تلقانى مرة أخرى وأنها تأتى فى هذا المكان كل يوم الساعه الثامنه بعد صلاه العشاء ، و ودعتها بأنى تشرفت بحديثها والكلام والمناقشة معها مع التمنى أن أراها من جديد ، ثم إستأذنت للإنصراف، و سلَمت علىَ بيدها الناعمة التى أحرقت قلبى بنفح من حب، نعم، هو الحب ذاته.

فتيات، مراهقة، نساء، شجن، حب، أحضان، قُبلات، كلام، دموع، فرح، سعاده، ضحك، إبتسامات، شعر، أغانى، رومانسية، بحر، خلاف، همسات، وجع، عتاب، مُصالحه، عيون، وعود، مشاعر، سؤال، إهتمام، غيره، مداعبة، جنان، جرح، فقد، موت. 

كل يوم أهيأ نفسى لأجمل ميعاد فى حياتى ، كنا نحضر الجلسة الثقافية، هى مع أصدقائها، ثم أتفقنا على أن نحضر فى معاد آخر وحدنا، نتناقش بعدها فيما ورد فى الجلسة الثقافية، تتطلب هى دائما عصير الجوافة التى تحبه، و أطلب البرتقال، كان شعرها كالحرير، تعتنى به جيداً، وعينيها التى أرى فيهم القمر فى سفح الفضاء، تحمل الجسد الذى ندعوه عندنا ب" المقلوظ" هذا الجسد الفاتن الرشيق والرياضى.. تعرفنا على بعضنا كثيراً، كنت أشاهد فى عينها الحب كما تراه فى عينى، فالعين فضَاحه أكثر من زلة اللسان. لكن لم نعترف لبعضنا الا بعد سنتين من قصة عشق بيننا.. لم نتحكم فى أنفسنا حتى أحتضنا بعضنا البعض و قبلنا قبلة واحده و لم ننم طيلة ثلاثة أيام من أدرينالين الحب الذى كان ينتظر إعتراف قلوبنا بلهفة وجنون. كان البحر هو صديقنا مع الكتاب و الأغانى التى نسمعها و ندندها مع بعضنا البعض فى ضحك وسعاده، لم يخطأ مفهوم التفاهم بيننا أبداً، لم نتعرض لإختلاف رأى إلا وتناقشنا فيه بهدوء، كنا نفعل كل شىء مع بعضنا، كتبنا الشعر و المقالات و الرسائل عبر الورق لا الموبيل أو الإنترنت، كانت تقرأ ما كتبته لى لأن خطها لا يمكن قراءته الا فى يوم كامل، أعتقد أنها شفرات و رموز وليست كلمات يا ليلى؟. كنا كمثل بعضنا نعشق الزمن القديم، الزمن الذى يعرف معنى الحب لا الدلع و التفاهه. كنا كأبطال رواية حب لن يقدر شكسبير وماركيز عن وصف هذه المشاعر بيننا، لن يقرأ ما بيننا أو يضع سطوره، إلا نحن الأثنين. فالقلوب لاتخرج كل ما فى جعبتها، وكفى الإحساس الذى يربط قلبينا. 

فى أواخر صفحات الكتاب... 

كنت قد أرسلت منذ فترة لشركة عالمية، طلب للعمل عندهم، و لم يتم الإستجابة، وها هم قد إستجابوا بعد مذاكرة بعض الكورسات المختلفة، و يريدونى أن أعمل فى فرنسا، باريس التى طالما حلمت بها منذ الصغر، ولكن.. 

إتصلت سريعاً بليلى لأسعدها معى بهذا الخبر، وأن أخيراً سأرتب أحوالى جيداً لنتزوج كما وعدتها و وعدتنى.. إنطفأت سعادتى كما تُطفأ السيجارة تحت قدم صاحبها.. لم ألق منها إلا الرفض وأنها تُخيَرنى بينها و بين العمل فى الخارج، هى لا تقدر أن تترك بلدها ولا أن تترك أمها وأخواتها. ولكن ماذا عنى؟ ما الذى أفعله؟ أمن الممكن أن يقف الحلم أمام الحب؟ أيقف قلبى أمام روحى؟.. ماذا عن الوعد؟ ماذا عن العشق والحب؟ ماذا عن عملى؟ ماذا عن حلمى؟ ماذا عن مستقبلى؟.. لن أجد عمل مثل هذا فى هذه البلد الحمقاء بأهاليها، لماذا الأنانية أقوى من الصبر؟ أم الصبر أضعف من الأنانية؟ ألم نتكلم فى بادىء الأمر عن الخير والشر فى النفس؟ ماذا عن كل هذا يا ليلى؟ .. ينفجر بكائها فى أذنى وتطلب منى العفو والسماح و ألا أتركها وأسافر، وتقول نفس كلامى عنى، ماذا عن وعدى؟ ماذا عن حبى وعشقى لها؟ أأنانى أنا؟ تقدر على أن تجد العمل هنا فى بلدك، لماذا هذا العمل بالذات؟ ولماذا البهدلة فى الخارج؟.. صراع ما بين روحى و عقلى و قلبى، جفت منه معدتى، و الأسود الذى يغطى أسفل عينى، والعصبية التى ترجرج جسدى، والكافيين الذى أغتصبته من النسكافيه و القهوة فى أسبوعين، و ليلى تتصل بى ولا نجد كلاماً مع بعضنا سوى البكاء المعتاد منها و التوسل بالا أتركها، و أنا الذى أخفف عنها و لا أستطيع إبداء أى قرار، ليس كأى قرار، فهو الخيار ما بين روحى و قلبى و عقلى ومستقبلى، كأنى أختار بأى موت أسهل بالنسبة لى!.. بين الموت شنقاً فى الخارج، أو الموت غرقاً فى حلمى معها.. هذه أنانية، لابد أن تنتظرنى حتى آخر الدهر، أنا لم أخطىء فى شىء، وحلمى سيتبخر ان لم أقبل العمل، أما حياتنا فلا تتوقف على شخص، سأنساها، نعم سأنساكى يا ليلى، يا قدرى الذى نحته فى صخرة قلبى، كم تمنيت أن تسكمل حياتنا سوياًُ، لا أتخيل حتى هذه اللحظى أنى سأسافر بعيداً عنك، حتى لن نتكلم بعدها!.. يا لهذه النار التى تحرق قلبى ! .. ألن تكف دموعى عن نسيانك؟ سأنساكى أنا، لكن هل تكف ذكرياتى على الطرق فى قلبى؟ ألن أكف عن عشقك؟ لا أعتقد، فقد حفرتى إسمك و ذكرياتك فى عقلى وقلبى وروحى، لن أجد مفر من هذا مهما حاولت، أرجوكى سامحينى يا ليلى، فهو الحلم والمستقبل الذى لن أتركه أبداً، هو سيتركنى للأبد، لكن كان عليك أن تنتظرينى، كان واجب عليك بحق الله و الحب أن تنتظرينى، إنى آسف يا ليلى قلبى، أعلم أن الأسف لن يمح من الألم شىء، لكن هى لعبة القدر، لعبة لا نعلم خفاياها غير الله، و ليس إلا الله هو مُعيننا على هذه الفاجعة التى حطَت على قلبى وقلبك، سأختار حلمى يا ليلى و سأختارك حور عينى فى الجنة. 

إتجهت لكتابة سطور موافقتى على السفر و العمل..

سافرت، عملت، ذاكرت، إجتهدت، اعتليت المناصب العليا، وأحببت.. أحببت، ليس كحب من أحبب قبلها، فكل واحده كانت لها طعم مُختلف ( إلا أنتى يا ليلى) و من أحببتها فى فرنسا كانت لجمالها الذى لا تقو عين عن معالاة جفنها، ولكن دون إحساس، بلاده فى الحب، تُحرك طفولتى معها، ولكن الرجل الشرقى يضربنى جيداً، كغريزة ولدنا بها نحن العرب. أم أن غرام ليلى مازال الفائز فى ملعب حُبى؟ أظن ذلك.

من التى أحببتها؟.. من أين؟.. ومتى؟.. وما إسمها؟.. هل عشت طويلاً معها؟.. هل كنت أحبها بالفعل؟؟.. أعشقها؟.. هل كان لديها أم يصقف لها الجرذ على صفاقة حديثها وأفعالها؟.. ما لون شعرها؟.. ما شكل جسمها؟.. هل كانت تحبنى؟.. لماذا لا أعلم عنها شىء.

أغلقت صفحات وسطور كتاب الحب... 

المجد للشهداء
العبد الفقير إلى الله

الجمعة، 7 مارس 2014

نفسى نفسى !

الأصوات الصاخبة تكسر حاجز الصمت، كلام، صريخ، استغاثة، نداء، قرآن، إنجيل، توراه، بكاء، تنهيد..
 العواصف بطول برج إيفيل تبحث عن طعامها..
السماء تتلون و تصرخ فى الوجوه، الأرض تنشق و تخرج ما فى باطنها..
الأجهزة مُعطَلة..
الموت يشمشم وراء بناطيل الجميع..
 الأمطار و السيول تغرق اليابس..
البرق يكسر حاجز الظلام، ولا تعرف ما إذا كان ليل من نهار؟ فالشمس ساطعه و الجو داكن بالظلام!..
ما الذى يحدث؟!.

أقف فى منتصف الشارع دون حراك من هول ما هو خيال تقرأه عيني وغير مقبول لعقلى..
قلبى يهتز مرتجفاً، نبضى يزداد مع كثرة الأصوات والحركة والدمار..
أين أمى؟ أين أخى؟ ما الذى يحدث عند أصدقائى و عائلتى؟..
أشعر وكأننى كما ولدتنى أمى، فمن كانوا حولى هم من يكسونى فى هذه الحياه، أين هم بحق الله؟.

 يضرب خوفى الذى يربض على كتفى أصوات تنادى وتقول : * إنها يوم القيامة، فليقل كل منكم الشهاده و يدعو بالرحمه و المغفرة و الله أكبر الله أكبر الله أكبر * وكأن هذا الصوت هو السيف الذى قطع رباط خوفى..
بعدما أستيقظت من غفلتى، أخذت أنظر من حولى، الناس تطلب المغفرة والسماح من الذين أخطئوا فى حقهم، و هناك الرجل الذى يسجد على قدم آخر كى يُقبلها جزاء من أقترفه فى حقه..
وأخرى تكاد الدموع تسقيها أمام أمها التى هجرتها و أدخلتها ملجأ لكبار السن..
و آخر يبحث عن الماء كى يتوضأ و يصلى أول صلاه منذ سنين..
و آخر يبحث عن من يتصدق له و زكاته التى أغفلها..
و شباب يبحثون عن أبيهم الذى تركوه للزمن يرعاه..
و آخر يقرأ الإنجيل، و آخر يقرأ التوراه، و آخر يعتنق الإسلام، و أُناس لحق بهم شبح الموت

الأصوات الصاخبة تكسر حاجز الصمت، كلام، صريخ، إستغاثة، نداء، قرآن، إنجيل، توراه، بكاء، تنهيد..
العواصف بطول برج إيفيل تبحث عن طعامها.. السماء تتلون وتصرخ فى الوجوه، والأرض تنشق وتخرج ما فى باطنها..
الأجهزة مُعطَلة..
الموت يشمشم وراء بناطيل الجميع..
الأمطار والسيول تغرق اليابس..
البرق يكسر حاجز الظلام، ولا تعرف ما إذا كان ليل أم نهار؟ فالشمس ساطعه والجو داكن بالظلام..
ما الذى يحدث!؟

 أخذت طريقى بحثاً عن أمى، كيف أموت من غيرها؟ و عن أخوتى؟ وأصدقائى؟ و عائلتى؟ ليست هذه نهايتنا، فلم نفارق بعضنا فى الدنيا، أنفارقها عند الموت؟ ليس هذا عدلاً فى قانون الموت!..
أركض بحثاً عن ماء أتوضأ ولكن قد فات الأوان للحياه، كالصحراء الجرداء هى لا زرع فيها ولا خير..
لا أعلم إلى أين يأخذنى هذا الطريق؟
فالكل يلجأ الى آخر كى يعطيه حسنة واحده، سماح من آخر، عفو، طلب، سؤال عن أشخاص، نوبات البكاء التى تُعطلنا عن الركض وسط هذه المعمعه الترابية..
القلب يركض أسرع من قدمينا..
أرجُلنا بدأ الخوف يشد على أجزائها..
القلب يركض أسرع وأسرع..
العقل ُمشتت و لا شىء قابل للتفسير، جهاز تم فصل كهربته..
القلب يركض أسرع و أسرع وأسرع..
اليد قد لمسها الارتجاف، لا تتوقف أبداً و لا أستطيع حراكها..
لا أستطيع التحكم فى أى جزء من جسمى، الخوف بدأ يغلب روحى..
القلب يركض أسرع و أسرع وأسرع وأسرع وأسرع..
الروح هى فقط التى تحركنى خوفاً من شبح الموت..
القلب يركض أسرع وأسرع وأسرع وأسرع وأسرع وأسرع..
أقع كثيراً وسط هذا الالتحام و الكل * نفسى نفسى *.. 
القلب يركض أسرع و أسرع وأسرع وأسرع وأسرع وأسرع وأسرع..
لسانى و فمى يجاهدان الصمت و الخوف على ذكر الله و الشهاده، فهما سبيلنا للخلاص والجنه..
القلب يركض أسرع و أسرع وأسرع وأسرع وأسرع وأسرع..
أين كنا قبل ذاك اليوم؟..
أين كانت رأفه الفقير؟..
أين العطف على الأب والأم؟..
أين الضمير؟..
أين الرحمه؟..
أين العقل؟..
أين طهاره القلب؟..
أين قراءه القرآن؟..
أين كلمة الحق؟..
أين الجمال؟..
أين الصلاه؟..
أين الزكاة؟..
أين الصوم؟..
أين الصداقة؟..
أين المحبة؟..
أين حسن الأخلاق؟..
أين المعاملة الحسنة؟..
أين الخوف من النار؟..
أين الخوف من العذاب فى الدنيا والآخره؟..
أين الخوف من الموت؟..
أين الخوف من الله؟..
ما الذى يجعل الحياه تستمر؟ لا شىء.


 الأصوات الصاخبة تكسر حاجز الصمت، كلام، صريخ، إستغاثة، نداء، قرآن، إنجيل، توراه، بكاء، تنهيد..
العواصف بطول برج إيفيل تبحث عن طعامها.. السماء تتلون وتصرخ فى الوجوه، والأرض تنشق وتخرج ما فى باطنها..
الأجهزة مُعطَلة..
الموت يُشمشم وراء بناطيل الجميع..
الأمطار والسيول تغرق اليابس..
 البرق يكسر حاجز الظلام، ولا تعرف ما إذا كان ليل أم نهار؟ فالشمس ساطعه والجو داكن بالظلام..
ما الذى يحدث!؟

 أستمر فى الركض و قلبى قد سبقنى أميالاً و لا أعلم ما آخر الطريق؟ ولا إلى أين نذهب؟ ولا الذى يحدث؟ و لا عن أمى؟ ولا أخى؟ ولا أصدقائى؟ و لا عائلتى؟.. لا شىء..
لا أستطيع سماع شىء الآن غير صوت وقع قلبى على روحى و هى تتصاعد..
توقف عقلى عن التفكير..
وقلبى مازال يركض..
و قدمىَ لا أشعر بهم سوى أننى أتحرك ولا أعلم ما اذا كانت حركتى سريعه أم ماذا؟!..
وعينىَ ملئتهم التراب..
ويدى لا تتوقف عن الإرتجاف..فقط أركض وأركض..
أهرب من الموت..
لا أريد الموت إلا ومن حولى كل من أحببتهم روحى و جعلهم الله أحباب روحى وقلبى..
لا أريد الموت، لا أريد الموت..
فقط يا الله سامحنى عن كل ما أخطأت و أعفو عنى و صاحبنى بمن أحببت فى عنان جنتك..
و أصوات تعلو و تعلو و تعلو و تعلو تقول : * نفسى نفسى*

المجد للشهداء
العبد الفقير إلى الله




الاثنين، 3 مارس 2014

حاول تتغيَر

أغلب المشاكل بيكون أصلها حاجات صغيرة إتحولت بقدرة قادر لأجعص مشكلة، سيبك هى إيه المشكلة، لكن اللى كبرها ده عايز إيه؟!.. لو سألته مش هتلاقى عنده إجابة، ولو قال إجابة هتلاقيها أسخف و أتفه من شريف مندور!. طب والحل؟ إنك تفكر بعقلك، إحنا هنتغير بجد فى تفكيرنا وكلامنا لو فهمنا إن التفكير من العقل مش من النفس.

هييجى واحد يقولك * أصل دى طباعى ومش هتغيَر * ، مفيش حاجة إسمها طباع مش بتتغير، و ليه الطبع دايماً بيبقى فى الشر أو الصفة السيئة!؟.. عمرى ما سمعت عن حد بيقول إن طبعى أبتسم للناس أو أكون صادق أو أمين أو رحيم مع الناس أو العاقل، إلخ إلخ إلخ !.. مكنش ربنا حاسبك على حاجة بقى لأنك إتولدت لقيت نفسك عصبى وبالتالى ده بيأثر على شغلك وبالتالى على بيتك وبالتالى على حياتك وبالتالى على أسرتك وأهلك و بالتالى لما تنتحر محدش يقولك تلت التلاتة كام عشان ربنا خلقنى كده وده طبعى و مش هتغير!!.. مكنش ربنا حاسب الغير مسلمين كلهم لأنهم إتولدوا لقوا نفسهم فى أسرة مسيحية ولا يهودية ولا بوذية وتبع حتى ديانة السيخ - ديانة مش بيحلقوا شعره من جسمهم لحد ما آخر مسلم يموت على الأرض- !.. أصل هيحاسبهم على حاجة ربنا خلقها فيهم كده!؟.. منطق متخلف و مبرر لغبائك و أخطائك!.

إنت ليك عقل تفكر بيه و قلب يحس باللى فكرت بيه، تقدر من خلالهم تغيَر أى صفة بقت جزء منك و من عيوبك، والحكاية مش صعبة لدرجة القفش وإنك مش عارف تتغير.. حاول تبص لنفسك كل سنة، هتلاقى نفسك بتتغير بتأثير أشخاص، مواقف، كلام، مشاعر، شغل، موت فقد، عقل، حب، قلب، نفس، صلاه، نظرات، تفكير، و غيرهم وغيرهم.. إنت لو مش بتتغير و بتتعلم يبقى قافل حياتك بالمفتاح و متعاتبش حد الا نفسك على حالة الكئابة والحزن اللى انت عايش فيها.. متعاتبش الظروف ولا أى بنى آدم حوليك، المشكلة فيك إنت، إنك مش عارف تتحكم فى نفسك، هتتحكم فى حياتك إزاى!؟.

بعد أحدى الغزوات قال الرسول عليه الصلاه والسلام للصحابة : *هذا هو الجهاد الأصغر، فاستعدوا للجهاد الأكبر، ألا وهو جهاد النفس*. جهاد النفس أقوى من السيف والحرب والقتل!.

لما هتفكر فى حاجة بعقلك هتفكر فيها بموضوعية وهتحطها فى مكانها الصح اللى لا تقلل ولا تزود عليها، لكن لما تفكر بنفسك، هتشوف مصلحتك بس، نفسك بس، إنت الصح وكل اللى حوليك غلط، العنتظة، عدم قبول النصيحة والرأى.. هتلاقى نفسك فجأة لوحدك، شيطانك بيعملها فى ودانك و نفسك وكلامك وافعالك وعصبيتك وهو عمال يرقص من الفرحة، وانت بترقص من العصبية، وعقلك غايب عنك. مش عيب أن الواحد يغلط ويتعصب أحياناً و يكون له ذلة لسان و أفعال، إحنا بشر و طبيعى بنغلط، لكن العته والغباء إنك تفضل على ده الحال و متحاولش حتى تغيَر من نفسك.. هتلاقى الناس بعدت عنك، إيه اللى مصبرهم على واحد مش بيحاول حتى يتغير؟!.. هيتعبوا أعصابهم مع سيادتك ليه؟!.. ليهم النصيحة والمحاولة والرأى والكلام عشرين مرة و حضرتك ما شاء الله مبتحسش و عقلك بيشرب حجرين معسل على القهوة !.

لو كنت بتفكر فى اللى حوليك قبل نفسك، كنت إتغيرت من غير ما حد يكلمك.

ربنا يهدينا جميعاً

المجد للشهداء
العبد الفقير الى الله