الأربعاء، 17 أبريل 2013

بين الخير و الشر فى مصريتنا

بين الخير والشر فى مصريّتنا !

استيقظ " هيمه " من نوم دافىء جميل ومن ( احلام سعيدة ) ، و أتجه الى الحمّام لكى ينتعش قليلا قبل الفطار مع زوجته و أولاده ، فقالت له زوجته : " الميّة مقطوعة ..وعادل ( ابنه ) نزل يجيب جركل ميّة من تحت " ..فجاء عادل ودخل هيمه لكى ينتعش ببعض من المياه ، ثم اتجهوا الى الفطار جميعا ، حيث كان الضحك والأبتسامة هى الحالة السائدة على مائدة الفطار ، فحمدوا الله جميعا على هذه النعمة وان يحفظها الله من الزوال

نزل هيمه الى عمله ، وهو نازل لقى بجارهم الشيخ " فرحات " فألقى عليه السلام ورد عليه السلام ، ثم دعا له شيخنا بأن يقف الله بجانبه وان ييسّر له حاله وحال الأمة جميعا ، واستأذن هيمه للذهاب الى عمله من الشيخ ، فأودعوا بعضهم بالسلام ايضا والدعاء ...وايضا لقى فى نزوله " احمد " فهو شاب عنده 21 عاما ، فقال له هيمه : " ازيّك يا احمد وايه اخبار دراستك ؟ " ، فرد عليه احمد : " الحمد لله على كل شىء " .. هيمه : " الحمد لله ، ولو عزت حاجة انا تحت امرك " .. احمد : " ربنا يخليك يا عمى ، ادينا بنذاكر ونعمل اللى علينا لكن البلد مش راضية تعمل اللى عليها " .. هيمه : " متقولش كده يا احمد ، ان شاء الله خير وانت بس ذاكر وربنا معاك عشان انت وجيلك اللى هيشيلوا البلد بعد كده " ..احمد مع ابتسامة امل وتفائل : " ان شاء الله " ..ثم قابل " ندى " وهى عروس تحضّر لزواجها وابيها فى الأصل متوفى ، فأخد هيمه يحدثها عن عن أى شىء يفعله لها أو ان يساعدها فى أى شىء وانه فى مقام والدها وانه وكل جيرانها حولها لمساعدتها فى أى شىء ..فابتسمت اليه ندى وشكرته على زوقه وسؤاله عنها وعن والدتها ثم ودّعا بعضهما فى سعادة و ابتسامة للأخلاق وحسن الجار

ثم لقى ب" ام فاروق " وهى ست عجوز ، وكانت تحاول صعود السلالم لكى تدخل الى بيتها ، فساعدها هيمه للصعود والدخول ، فدعت له السيدة العجوز بالخير والبركة ثم قبّلته على رأسه ، فدمعت عين هيمه من حب هذه السيدة العجوز له وعلى حالها ، ثم اثنى عليها وقبّل يديها وتوكّل على الله ..ولقى ب" مايكل " الطفل الصغير صاحب ال10 اعوام يلعب امام باب بيته بالكرة مع والده " جرجس " فى سعادة فألقى السلام عليهم وردوا السلام ، واخذ يداعب مايكل الصغير ويتحدث مع والده فى ضحك وسعادة تملأ القلوب ، فهو النفس للنفس كما امر اشرف الخلق سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام بالجار ..ثم لقى بعم " اشرف " البواب وسلّم عليه وسأله على أولاده وان يكون فى حاجة لشىء ما ، فشكر عم اشرف الله على نعمته عليه و رضاه بما قسمه اليه وبعد عدّة أحاديث صغيرة عن احوال البلد فى ضحك وفكاهة وسعادة وابتسامة أستأذن هيمه عن اشرف للذهاب و ودّعوا بعضهم ..

حاول هيمه ان يوقّف أى ميكروباص لكى يأخذه الى عمله فلم يستطع ، فحاول أخذ تاكسى فلم يجد ، فركب الاتوبيس الشعبى " حدفاً " ! ، ولم يلقى بأى مقعد فارغ ، فوقف وأخذ يشاهد ويسمع من حوله فى الأتوبيس من وقوف رجل كبير على رجليه بعكازه وشاب ساكن مكانه على كرسيه بلا مبالاة ! الى حيوان يتحرش بفتاة الى لص يسرق من جيب الضعيف الى غضب الى خناقة على اتفه التفاهات الى شيخ يتحدث عن غيره من غير المسلمين بقساوة وشدّة وضيق فهم الى مسيحى يتحدث عن المسلمين بعدم فهم و تشدد ! ، فلما حاول هيمه الكلام مع هذا وذاك ومنع هذا و نصح هذا ، لم يبالى به أحد غير أنهم قالوا له : " وانت ايه اللى جابك هنا اصلاً ؟ ولو احنا منعنا ده هتلاقى مليون اتوبيس تانى فى البلد بيتعمل فيه كل اللى انت شفته وسمعته ومحدش بيتكلم ، اطلع من هنا دى ( مش مصريتك ) دى مصريتنا ، واحنا حريين فيها نعمل فيها اللى احنا عايزينه "

فنزل هيمه من الاتوبيس حزيناً على ما رآه وسمعه وأخد يفكر فى عدة اسئلة ، وقبل أن يبدأ فى التفكير ، اخذته عدّة مشاهد مؤلمة حوله من ضرب ابن لأبيه فى الشارع الى عدم مبالاة البنت بأمها الى خناقات وشتائم تملأ افواه الناس اكثر من تكرار اسم " الله " عز وجل الى مسجد تملأه ( السجاجيد اكثر من الذين يصلون عليها ) الى منابر ملئها التشدد والتطرف الى كنائس يعلوها صوت التطرف ايضاً الى اطفال شوارع يلاقون اشد انواع القسوة واللامبالاة من أهله ( الشعب ) الى رجل وزوجته العجوز يأكلان من القمامة مثلهم مثل قطط الشوارع الى بائعين لا ضمير لهم الى سرقات دون رد فعل خوفاً على أنفسهم الى النظر الى ما فى يد الغير فقط الى عندما وصل لشغله وجد الرشوة والعمالة قد ملئت النفوس وعدم الضمير ..فرجع هيمه الى بيته فورأ بعد كل ما رآه وكان البكاء والحزن والأسى قد ملأ قلبه عندما رجع ، ثم قال : " دى مش مصريتى اللى اتربيت فيها ابداً ..دى مصريتهم هما ، كل واحد اشترى الشر اللى فى نفسه وساب الخير اللى جواه يعفن ويبوظ ..دى مش مصريتى ..العمارة دى بجيرانها هيا مصريّتى ومش خارج منها الا وانا ميت بس " ، فذهب هيمه الى الوضوء والصلاة ليهدأ ، وذهب الى النوم ..الى ( احلام سعيدة ) ..الى الموت ..الى الله عز وجل ! ، وعمارته على وشك " السقوط " ..يا ريت تكون الفكرة وصلت للنفس قبل العقل

اخيراً هى رسالة واحده فقط أريد منكم الأخذ بها : " ازرعوا الخير فى نفوسكم قبل ان تجدوا الشر هو الغالب المسيطر عليكم يا أهل مصر ) ..اللهم أحفظ مصر من شر النفوس ..آمين يا رب العالمين ♥

المجد للشهداء
العبد الفقير الى الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق